الأحد، 2 يونيو 2024

الكوميكس.. بين الفن وذكريات الطفولة وهواية جمع السلاسل

مقال بقلم الصديق الفنان أشرف مكرم

تحياتى لجميع الأصدقاء.. 
الكوميكس.. بين الفن، وذكريات الطفولة، وهواية جمع السلاسل... 
يهتم محبو الكوميكس - عامة - باقتناء مطبوعات الكوميكس لأسباب متنوعة، تندرج عامة تحت فئة من الفئات الثلاث التالية:-
1- ذكريات الطفولة: وربما كانت هذه الفئة من جامعى الكوميكس هى الأكبر عدداً، حيث يسعى أفراد هذه الفئة إلى اقتناء المطبوعات التى كانوا يقرأونها فى طفولتهم، والتى تعيد إليهم بهجة تلك الأيام الغابرة، فتمنحهم متعة اجترار الذكريات السعيدة. 
ولا يهتم أفراد هذه الفئة كثيراً بمستوى تلك المطبوعات أو بمضمونها، فجل اهتمامهم ينصب على أنها كانت تصاحبهم فى سنوات عمرهم الباكرة.. وهذا أهم ما فى الأمر.. بل كل ما فى الأمر...
2- الشغف بجمع السلاسل الكاملة:- يمثل أفراد هذه الفئة من جامعى الكوميكس أفراداً يشعرون بالتفرد والتميز والتفوق على غيرهم بمقدار ما يملكونه من مجموعات كاملة من السلاسل المختلفة. 
وقد تمثل بعض هذه السلاسل أهمية فنية لهؤلاء الهواة، أو تمنحهم قراءة أعداد هذه السلاسل متعة وبهجة، لكن ذلك لا يكون - فى غالب الأحيان - هو الدافع الأول والأساسى لاقتناء تلك السلاسل الكاملة، بل يكون الدافع الأساسى هو الرضاء الشخصى الذى يملأ قلبهم بفكرة امتلاكهم لسلسلة (كاملة)، أياً كانت قيمتها أو مستواها الفنى، وأياً كان مقدار المتعة التى تمنحها قراءتها.. بل إنهم فى الغالب لا يهتمون كثيراً بقراءتها.. المهم فى الأمر هو أنها موجودة بالكامل فى حوذتهم.

3- القيمة الفنية:- ولا تمثل هذه الفئة إلا نسبة محدودة من جامعى ومقتنى مطبوعات الكوميكس.. فالقيمة الفنية لسيناريوهات القصص والمستوى الفنى لرسومها قلما يمثل دافعاً أو سبباً لاقتناء الكوميكس.. فهذا الأمر يحتاج لقدرة عالية على التذوق الفنى والأدبى، وهى خاصية لا تتوفر كثيراً عند جامعى الكوميكس.. 
فى حين أن القيمة الفنية كان يجب أن تكون هى الدافع الأساسى للاهتمام بهذا الفن المظلوم، الذى يساء تقديره كثيراً فى مناطق عديدة من العالم، أولها أمريكا نفسها.. البلد الأول فى حجم إنتاج الكوميكس! 
وقد كان من أغرب ما سمعت فى حياتى - ومن أكثر ما أثار استيائى - هو الرأى الذى ذكره ذات مرة الفنان التشكيلى والرسام الصحفى والكاتب والمخرج السينمائى المعروف يوسف فرانسيس، حيث قال فى لقاء معه بإحدى حلقات برنامج تاكسى السهرة بالتليفزيون المصرى - معلقاً على فيلم مغامرات تم عرض أجزاء منه فى تلك الحلقة من البرنامج - إن ذلك الفيلم هو مجرد فيلم مغامرات قليل القيمة، يشاهده المتفرج ليتسلى بعض الوقت ثم ينساه تماماً، كما يفعل المسافر بالقطار الذى يتسلى بمجلة كوميكس أثناء الرحلة، ثم يلقى بالمجلة ما أن ينزل من القطار!!! 
إلى هذا الحد يرى ذلك الفنان الرسام.. الكاتب.. المخرج.. أن الكوميكس هو شىء تافه وحقير، لا يستحق من القارئ أكثر من بضع دقائق يقرأه خلالها، ثم يلقى به كأنه مجموعة أوراق مهملة مصيرها الطبيعى سلة المهملات؟!!!
إن دور النشر الأمريكية تتعامل فى كثير جداً من الأحيان مع فن الكوميكس بهذا المنطق التجارى الفج، ولا تولى هذا الفن الاحترام والتقدير اللائقين به.. بل إن آلاف من سيناريوهات القصص التى يتم تأليفها بأمريكا - خاصة قصص السوبر هيروز - لا يستحق فعلاً أكثر من سلة المهملات كمثوى أخير له، بسبب التفاهة الشديدة لمضمون تلك القصص. 
لكن، على الصعيد الآخر، فهناك مئات من قصص الكوميكس - الأمريكى وغير الأمريكى - ذات السيناريوهات الرائعة القيمة، والرسوم البارعة، والتى تستحق منا كل احترام وتقدير.. والتى لا تنتمى أبداً إلى تلك النوعية التافهة الحقيرة من الكوميكس، والتى اختزل يوسف فرانسيس - بكل سطحية وشطط وضيق أفق - كل الإنتاج الفنى من الكوميكس معتبراً هذا الفن العظيم تفاهة لا تستحق إلا أن يكون مصيرها سلة المهملات. 
وفى موضوع قادم، إن شاء الله، سوف أتناول بالحديث أمثلة للأعمال القيمة العظيمة التى يشملها "الفن التاسع": فن الكوميكس.. والتى تستحق أن تتبوأ مكانها إلى جانب أعظم أعمال الفن التشكيلى، والأدب، والموسيقى، على مر التاريخ!

 مقال بقلم الصديق الفنان أشرف مكرم

تحياتى لجميع الأصدقاء.. 
قرأتُ أمس مقالاً على النت عن كتاب "عالم الكوميكس" لأحمد الزينى. أود أولاً أن أحيى الكاتب على مجهوده الكبير المشرِّف، وإنجازه الفريد، والذى يُعتبر عملاً ريادياً غير مسبوق فى مجاله، كموسوعة لعالم دى سى باللغة العربية. لكن لى تعليق صغير على معلومة ذكرها الكاتب فى حديثه مع الصحفى الذى كان يحاوره - والعهدة طبعاً على ما جاء بالمقال - 
فقد ذكر مؤلف الكتاب ما يلى:- "الزينى 
«الكتاب يتناول تاريخ الكوميكس بشكل عام والفرق بين الكوميكس والمانجا، فالكوميكس هو فن أمريكى فى المقام الأول يعتمد على طرق محددة فى الرسم بالألوان التى يتميز بها، أما المانجا فهو فن يابانى منافس يعتمد على أسلوب شبه موحد فى الرسم بالأبيض والأسود». 
ولى هنا تحفظان مهمان.. 
الأول: بخصوص عبارة (الفرق بين الكوميكس والمانجا). هذه عبارة عجيبة!! فكأنك تقول: "الفرق بين (القصة المصورة) و(القصة المصورة)"!!! فلفظة "كوميكس" هى التسمية الإنجليزية للقصة المصورة.. بينما لفظة "مانجا" هى التسمية اليابانية لهذا الفن. فهما ليسا مصطلحين لنوعين مختلفين من القصص المصورة، بل هما مصطلحان لنفس الشىء، لكن بلغتين مختلفتين. فالقصة المصورة يسميها الناطقون بالإنجليزية: "كوميكس".. ويسميها الناطقون بالفرنسية: "باند دسينيه".. ويسميها الإيطاليون: "فوميتّي".. ويسميها اليابانيون: "مانجا". أى أن كلمة "كوميكس" وكلمة "مانجا" لهما نفس المعنى، وليسا نوعين مختلفين من الفن لنقول" "الفرق بين الكوميكس والمانجا". والأصح أن نقول: "الفرق بين القصص المصورة الأمريكية والقصص المصورة اليابانية". 

أما التحفظ الثانى، فهو خاص بتمييز الكوميكس الأمريكى عن الكوميكس اليابانى بأن الأول "يعتمد على طرق محددة فى الرسم بالألوان".. بينما الثانى "يعتمد على أسلوب شبه موحد فى الرسم بالأبيض والأسود". والأمر الوحيد الصحيح فى العبارة السابقة هو أن الكوميكس اليابانى يعتمد فعلاً على أسلوب شبه موحد فى الرسم.. 
أما أن يتم التمييز بين الكوميكس اليابانى والأمريكى بخلو اليابانى من الألوان ووجود الألوان بالأمريكى، فهو لا يمكن أن يعتبر وجهاً من أوجه التمييز أو المفارقة، لأن كلا المدرستين بهما قصصاً ملونة وأخرى غير ملونة، فما أكثر الكوميكس الأمريكى المعتمد على الأبيض والأسود (إصدارات عديدة لكونان وهلك وريب كيربى.. إلخ)؛ كما أن العديد من الإصدارات اليابانية ملون، حتى وإن كانت الأكثرية بالأبيض والأسود.
وحتى لو كان كل الكوميكس اليابانى بالأبيض والأسود، وكل الكوميكس الأمريكى ملوناً - وهو غير صحيح - فليس هذا عنصراً وجيهاً للمقارنة والتمييز بين المدرسة الأمريكية ونظيرتها اليابانية. 

وأخيراً، فكلا المدرستين يشتملان على أساليب متنوعة عديدة للقصص المصورة، سواء من ناحية المضمون، أو من ناحية الرسم (وإن كان الإنتاج اليابانى يتشابه بصورة كبيرة فى أسلوب الرسم، وبرغم ذلك، فهناك أساليب رسم يابانية متنوعة أيضاً). 
التمييز بين الكوميكس الأمريكى والكوميكس اليابانى من ناحية وجود الألوان من عدمه هو أمر شائع جداً بين المهتمين بالكوميكس فى الوطن العربى، وهو تمييز خاطئ تماماً فى نظرى، لأنه حتى لو كان صحيحاً، فلا يعتبر فرقاً جوهرياً لنعتمد عليه فى المقارنة بين إنتاج البلدين. وفيما يلى، نماذج عكسية لهذه الفكرة الشائعة الخاطئة عن الكوميكس الأمريكى واليابانى.. 



مع تحياتى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق