قيل
“كتبه على لسان شوق المجنون” / عبد الرحمن بكر
من داخل صفحات مجلة ديزاين جايد
عندما سئل عمنا “شوقي المجنوون” عن فن الكوميكس هرش في رأسه وأخرج اللاب توب بتاعه ومعاه خيارة وشوية جزر، وخرج من كادر السيناريو وجلس على حافة الصفحة يفتي..
عندما سئل عمنا “شوقي المجنوون” عن فن الكوميكس هرش في رأسه وأخرج اللاب توب بتاعه ومعاه خيارة وشوية جزر، وخرج من كادر السيناريو وجلس على حافة الصفحة يفتي..
وعندما يفتي “شوقي المجنوون” في مجاله فإنه مع الأسف يقول الحقائق، والله المستعان… المهم أنه قال عنه ما سوف يكتبه المؤرخون.. بعد أن يعصروا على أنفسهم ليمون ـ
فن الكوميكس يا حضرات هو الفن الذي أطلقوا عليه اسم الفن التاسع فمن الواضح انه جاء بعد مخاض شديد وان الولادة الحقيقية قد حدثت وكنت أنا “شوقي المجنوون” المولود المتميز “ أخرة صبرهم” وربنا يستر و مايرمونيش..
أما ما قاله التاريخ يا سادة يا كرام عن هذا الفن العريق هو أن القصص المرسومة على معابد المصريين القدماء، كانت البداية حتى أن والت ديزني كان يعلق خلفه دائمًا لوحة الألعاب الرياضية الفرعونية التي رسم بها أكثر من مائة شخص يقومون بحركات رياضية ويقول أنه تعلم منها فن التحريك عندما مررها بسرعة أمام عينه ففكر في كيفية تحريك الرسوم المتحركة..
ولكن ما يهمنا يا حضرات هو تتابع السنوات فعندما جاء عهد والت ديزني “أستاذ الأساتيذ” الذي بدأ فن الرسوم المتحركة بشخصية الارنب “أوزوالد” ثم ابتكر بعده شخصية ميكي ماوس وانتج أول فيلم رسوم متحركة عام 1927 ولكنه لم يفكر في اصدار مجلة ميكي كمجلة كوميكس إلا في عام 1935 تلك المجلة التي ابهرت العالم، وانتقلت طبعاتها إلى كل البلاد وبكل اللغات، والثعلب فات فات وفي ذيله سبع لفات، ولكن يا حضرات، لابد ان أتوقف هنا لشرب فنجان من القهوة، بعد أكل طبق بصارة وصدر فرخة..
فكما يقول المؤرخون، الكوميكسيون أن الخبر الأكيد وهو أن مصر سبقت والت ديزني في مجال الكوميكس فأصدرت أول مجلة أطفال كوميكس قبله بـ 12 عام بالتمام.. وهي مجلة “الأولاد” تلك المجلة التي أصدرها “اسكندر مكاريوس” من دار اللطائف عام 1923 وكانت كلها كوميكس ومستواها الفني عالي جدًا وما زال مبهرًا لكل من رآها حتى الآن.. والسبب هو أن الفنان الذي رسمها هو أبو الكوميكس الحقيقي في مصر وهو الفنان علي رفقي، ولكن من هو هذا الفنان القدير يا حضرات..
انه فنان تركي كان ضابطًا في جيش السلطان عبد الحميد وفر إلى مصر هو وعائلته ليحتمي بها عند اجتياح كمال أتاتورك لتركيا، وعمل مهندسًا في المهندس خانة وعندما وجد التطور الكبير في الصحافة المصرية ذهب ليعمل في دار اللطائف المصورة وابتكر فيها فكرة الشريط المرسوم أو النكتة التي في مجموعة من اللقطات المتسلسلة وكان يرسمها في كل عدد، مما شجع اسكاندر مكاريوس على اصدار مجلة “ الأولاد” وخصوصًا أن مؤلف سيناريوهات المجلة كان “ الشيخ يونس القاضي” مؤلف نشيد بلادي بلادي الذي كتب كل سيناريوهاتها ما بين الزجل البسيط والسجع القصصي فكانت اشد طرافة وسهولة، وتعلق الاطفال بشخصياتها المحبوبة، ومنها تعلم الرسم الفنان محمد عبد المنعم رخا أول فنان كاريكاتير مصري كما يقول في مذكراته..
كما صدرت عام 1926 مجلة لأطفال اسمها مجلة النونو، لكنها لم تستمر كثيرًا.. أما الفنان “على رفقي” هذا الرسام المبهر لم يتوقف عن رسم الكوميكس بل ملأ به مجلات مصر الفنية والسياسية حتى صار الكوميكس أحد أهم أدوات لفت الأنظار فطلبت منه دار الهلال العمل معها في مجلة جديدة وهي “ مجلة الفكاهة” التي كان يرسم بها الكثير من النكت في صفحات كوميكس كاملة و رسم في الصفحة الأخيرة أسبوعيًا على مدى ثمانية سنوات قصة كوميكس في كل عدد لشخصية جحا وكان يكتبها له بالزجل الشاعر الكبير أبو بثينة..
وانطلقت المسيرة لفن الكوميكس في مصر فرسم الفنان رخا الكثير من شرائط الكوميكس “في مجلة الاثنين والدنيا” بداية من عام 1927 إلى عام 1945 تبعه الفنان الفرنسي برني الذي ابتكر فكرة رسم قصة كوميكس على أحرف صفحات المجلة.. وصارت فكرة وجود مجلات أطفال تختص في الكوميكس هي الفكرة السائدة في مصر فأصدرت “درية شفيق” عددا من مجلات الأطفال في مصر منها: مجلة “الكتكوت” عام 1948 ومجلة “دنيا الأحداث” عام 1955.
المهم انتهينا من فنجان القهوة وبدأنا في شرب الكابتشينو وزبادي الخلاط، ولو فيه حد معاه كاتشب يناولهولي لكي أتابع حواري عن صدور الكثير من مجلات الأطفال التي لم تستمر طويلا منها مجلة بابا صادق ومجلة بابا شارو والقصص المصورة، إلى أن أصدرت شركة الشمرلي مجلة “علي بابا” عام 1951 وكان يرسمها في البداية الفنان “مصطفى كمال” واكتسبت شهرة واسعة وعدد مذهل من القراء لبساطة اسلوبها واعتمادها على اللغة العامية والزجل مما أدى إلى أن قررت دار المعارف إصدار مجلة للأطفال تحافظ على اللغة وقوتها وتقدم فنًا أكثر رقيًا فأصدرت مجلة “سندباد” التي كان يكتبها “محمد سعيد العريان” ويرسمها الفنان الكبير بيكار عام 1952 فجذبت الأطفال رسومه وتعلقوا بالمجلة وتركوا مجلة علي بابا، مما دفع مجلة “على بابا” إلى استقطاب الفنان القدير “حسين فوزى” لينافسوا به “بيكار” فى“سندباد”.
وصار مجال الكوميكس في مصر مجال قوة ومنافسة، لكن علي بابا خسرت المنافسة واستمرت سندباد تسعة سنوات وقدمت الكثير من الفنانين منهم الفنان زهدي واللباد مما دفع الكثير من الفنانين إلى احتراف فن الكوميكس وهنا قررت دار الهلال دخول المنافسة وخصوصًا أن الفنان الفرنسي بيرني كان أهم أعمدة الفن بها فقام على الفور بتصميم شخصية سمير وصدرت مجلة سمير عام 1956، فانضم إليها في البداية مجموعة من الرسامين الأرمن مثل “هارون” ومادي، ثم جاء المصريون ليحدثوا نقلة كبيرة في مستوى المجلة، وعلى رأسهم عبد الرحيم البرجيني ونسيم جرجس وصلاح عسكر، وجمال قطب، ومحمود التهامي وحازم وكمال برشومي وأمال خطاب وهدى المرشدي، وكثير ممن لحقوا بالركب وقدموا لنا فنًا راقيًا..
وهكذا انتهينا من شرب الكابتشينو بالكاتشب وجاء أوان جلسة القرفصاء حتى موعد العشاء لأحكي لكم عمّا حدث من توالي إصدار مجلات الكوميكس المصرية والعربية منها ما هو قديم وما هو حديث أمثال “ سعد الكويتية ـ وعلاء الدين المصرية، وأطفال اليوم الإماراتية، وقطر الندى المصرية لكننا نتوقف بالتحديد عند صدور مجلة ماجد الإماراتية 1979 التي نجحت في أن تقدم فن الكوميكس للأطفال بشكل متميز وقدمت عددًا كبيرًا من الفنانين العرب والمصريين وكانت تهتم بالشكل البسيط من الخطوط على منهج رسوم الفنان حجازي وبهجت وذلك، في معظم صفحاتها عدا شخصية أبو الظرفاء التي كان يرسمها الفنان نجيب فرح التي اهتمت بالتفاصيل الغريبة والقوية، وكان هذا الشكل مصدر تميز لها بين المجلات، حفظه الأطفال وأحبوه طوال 25 عاما انتقلت بعدها في السنوات الأخيرة إلى محاولة اللحاق بركب الحضارة والتطور الكمبيوتري المذهل فقامت بإحداث تطور كبير في الابهار والأداء وذلك باستقطابها للجيل الجديد من الرسامين بعد أن صار هناك تحدي في الابهار في التلوين والشكل والإخراج، كما نجحت في ابراز جيش من الكتاب المتميزين في مجال الكوميكس..
أما الطفرة القوية لفن الكوميكس في الوطن العربي فهي عندما ظهرت مجلة باسم في الرياض عام 1987 والتي اهتمت منذ العدد الأول بقوة الخطوط والتحدي والمنافسة بين فنانين الكوميكس المصريين والعرب وذلك بظهور مجموعة الرواد لفن الكوميكس الحديث وهم الفنان فواز والفنان معلوف والفنان سمير عبد المنعم، والفنانة هدى وصفي، وهريدي وعبد الشافي سيد وإبراهيم سمرة ومحمد أبو طالب.. واستمرت المجلة في المنافسة والتطور واستقطاب عددٍ اكبرَ من الفنانين المتميزين “أمثال خالد عبد العزيز ومحمد سيد توفيق ود. ياسر نصر وعبد الرحمن بكر، وحاتم فتحي، ومحمد نبيل وهاني طلبة ومصطفى برشومي وعشرات غيرهم حتى توقفها نهائيًا في بدايات عام2014؟
وبدأت مرحلة جديدة للكوميكس في مصر إلا أنه بعد ثورة يناير ظهر عددًا من مجلات الكوميكس المقدمة للشاب مثل مجلة "توك توك" التي صدرت عام 2011، وظهر أهم مولود بعد كل هذا المخاض وهو “ مجلة مجنوون” التي أصدرها الأستاذ هاني غيث والدكتورة نهى عباس بالتعاون مع عمالقة فن الكوميكس في مصر من فنانين وكتاب، والمولود العجيب القادم إليكم هو أنا .. “شوقي المجنوون” الذي يحفظ تاريخ الكوميكس ويستطيع تسميعه غيبًا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق