إيزابيل كرايتس
إيزابيل كرايتس، ولدت عام 1967 في مدينة همبورغ، حصلت على العديد من الجوائز وهي واحدة من رسامات الكوميكس الأكثر طموحًا في ألمانيا. تتناول إيزابيل في الكوميكس الخاص بها ظاهرة ثقافة الشباب بالإضافة إلى الأحداث التاريخية والسياسية في التاريخ الألماني. ودائمًا ما تسعى إيزابيل لدمج أبطال الكوميكس الخاص بها في سياق تاريخي بمرجعية محلية لمدينة همبورغ .
يعتبر كوميكس (اكتشاف السجق بالكاري) (٢٠٠٥) أحد أبرز الأمثلة على أعمال كرايتس. استنادًا إلى رواية لـ "أوفه تيم" تربط الرسامة بين الاشتراكية الوطنية والحاضر من خلال صور متناسقة بالأبيض والأسود، كما تتناول إيزابيل في هذا الكوميكس مسألة التكيف مع الماضي الألماني. ونرى تأثير "ويل أيزنر"، أحد أبرز القدوات الذي تحتذي إيزابيل به، من خلال استخدامها المتطور للضوء والظلال.
لقد وجدت إيزابيل السيناريو المثالي لأولى الكوميكس الخاصة بها (مزاج سيء) (٢٠٠٠) في سراديب الموتى وشبكات مترو الأنفاق بمدينة همبورغ؛ ويعتبر هذا الكوميكس الأول في سلسلة كاملة حول المصير المأسوي الذي لقيه رالف، أحد ممارسي هواية التعلق على القطار.
حيث يظهر هذا الشاب الذي تشوه وجهه جراء حادث مرة أخرى في الأنفاق. ويتعرف هناك على مصابين آخرين ويحاول متابعة حياته معهم في عالم موازي.
وفي الكوميكس (دون تحمل) (١٩٩٥) و (صامت مثل القبر) (١٩٩٧)
تستخدم كرايتس مرة أخرى أماكن خفية مثل المخابئ وشبكات الصرف الصحي كناية عن بقايا النازية. وتشدد كرايتس في هذا الكوميكس على فتور جيل الشباب نحو السياسة وأسلوب تعاملهم الساذج مع النازية الجديدة فضلاً عن التراخي من جانب المجتمع وشهود هذا العصر.
لقد أدانت إيزابيل في كوميكس "فافن هندلر" (تجار السلاح) (١٩٩٨) العلاقات والتكتلات السياسية والاقتصادية التي تمتد إلى ما أبعد من الرايخ الثالث، والتي لا تزال تسيطر على الأمور من خلف الستار.
بالإضافة إلى ذلك قامت إيزابيل كرايتس بالاشتراك مع "لاورا بارتلس" بعمل كوميكس حول المساعدات التنموية في بوليفيا وذلك من أجل منظمة الإغاثة الألمانية لمكافحة المجاعة العالمية. على الرغم من جدية الموضوع إلا أن هذا الثنائي استطاع من خلال هذا العمل (معاناة السيد لور) (٢٠٠١) أن يزين الجزء المعلوماتي في هذا الكوميكس بقصة مثيرة ومسلية حول طباخ محب للبطاطس. لقد تكشف هذا العمل عن الموهبة الكوميدية لرسامة الكوميكس إيزابيل كرايتس، التي تكسب قوت يومها من خلال أشرطة كوميكس فكاهية مثل "أوتيفانتن" وسلسلة الكوميكس الخاصة بها "هايس أوند فيتيج" (ساخنة ودهنية) والتي تدور أحداثها في مطعم للوجبات السريعة.
واستطاعت كرايتس، رسامة وكاتبة الكوميكس "الاستثنائية"، أن تحقق أكثر مشروعاتها طموحًا من خلال مجلد الكوميكس "دي زاخه مِت زورجه" (بشأن زورجه) (٢٠٠٨) ذي الـ ٢٥٨ صفحة.
فقبل عمل الرسومات بالأبيض والأسود بقلم الرصاص قامت كرايتس بإجراء أبحاث مستفيضة عن تاريخ ريشارد زورجه، وهو "جاسوس ستالين بطوكيو" مثلما يشير العنوان الفرعي للكوميكس.
تتكاثر الخرافات والأساطير حول شخصية زورجه المسرفة. فهو يعتبر بطلاً في نظر ألمانيا الشرقية سابقًا وذلك لمناصرته للشيوعية، بينما تم تجاهله في السرد التاريخي في ألمانيا الغربية. يقوم زورجه منذ عام ١٩٣٣ بالتجسس لصالح المخابرات العسكرية السوفيتية على السفير الألماني يوخين أوت وكذا أبرز النازيين المقيمين في مدينة طوكيو. وبعد اعتقاله بواسطة جهاز المخابرات اليابانية تم إعدامه في عام ١٩٤٤.
تتناول كرايتس في هذا العمل الشيق شخصية "ريشارد زورجه" المثيرة للجدل وتوضح كيف أصبح بعد وفاته ورقة مناورة في اللعبة السياسية.
إن الكوميكس المقتبس عن كلاسيكيات "إريش كستنر" مثل "بونكتشين و أنتون" (٢٠٠٩) أو "إيميل أوند دي ديتيكتيفه" (إيميل والمحققون) (٢٠٠٨) موجهة نحو فئتي الأطفال والناشئة. حيث تستند كرايتس من الناحية الأسلوبية إلى الرسوم الأصلية المعدة من قبل "فالتر ترير" وتعمل بأسلوب لطيف على تزويد المشاهد بتفاصيل من الحياة بمدينة برلين الكبرى في فترة العشرينات.
في عام ٢٠٠٢ تم تكريم إيزابيل كرايتس في إطار مهرجان "إرلانجن للكوميكس" في دورته الـ ١٥ بجائزة ماكس أوند موريتس كأفضل رسامة ألمانية.
تقوم إيزابيل كرايتس بدراسات مستفيضة حول المواقع والأحداث التاريخية من أجل الكوميكس الخاصة بها وتسعى لإحداث شخصيات مثيرة ومشاهد ذات أجواء متقاربة من خلال أسلوبها الواقعي في الرسم.
في مجلد "ألمانيا. كتاب مصور" (٢٠١١) تعمل إيزابيل كرايتس على تجسيد أبرز الأحداث التي شهدها التاريخ الألماني. تلك القصص القصيرة التي نشأت بمناسبة الذكرى الـ ٦٠ على قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية ونُشرت بداية في جريدة "فرانكفورتر روندشاو" اليومية، تُجسد عدد من الأحداث من بينها بداية بناء الجدار في عام ١٩٦١ ومسيرة الحب البرلينية في عام ١٩٩٩ واستحداث التعامل باليورو في عام ٢٠٠٢. ينتهي المجلد بإفلاس بنك "ليمان براذرز الاستثماري" وما نجم عنه من أزمة اقتصادية في عام ٢٠٠٨ – وفي انتظار التحديث.
بقلم: ماتياس شنايدر، عالم ثقافي وصحفي ثقافي حر ويقوم بتنسيق برامج أفلام ومعارض حول موضوع الكوميكس.
صياغة وإعداد: حمزة الأسد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق