بقلم: الأخ أشرف (ألدريك)
رودلف توبفر.. رائد الكوميكس الأول
رودلف توبفر بريشته
السيد فيو بوا على حصانه
جوته
مصادر المقال:- ويكيبديا الفرنسية - ويكيبديا الإنجليزية - ومصادر أخرى متنوعة.
رودلف توبفر.. رائد الكوميكس الأول
رودلف توبفر.. رائد الكوميكس الأول
لم
يكن الكوميكس فى بداية ظهوره بنفس الأسلوب الذى نراه به الآن، بل كانت
هناك إرهاصات ومحاولات تطورت حتى وصلت إلى ما نسميه اليوم: "كوميكس".
ولا
يمكن بالطبع أن نطلق هذا المصطلح على أى قصة مصحوبة برسوم، بل ينبغي أن
تتوافر فيها الشروط المعروفة: الكادرات المتتابعة..الحوار المكتوب فى
بالونات الحوار.. التعليقات القصيرة المصاحبة للصور – عند الضرورة.. التعبير
بالرسم فقط بدون تعليق مكتوب أو حوار – بين الحين والآخر، حسب تقدير
الفنان.. المؤثرات الصوتية أو المرئية – عند الحاجة.
إذاً، متى نعتبر قصة ما مجرد قصة مصحوبة ببعض الرسوم التوضيحية Illustration، ومتى نعتبرها تمثل خطوة أبعد من ذلك، أي تمثل إرهاصة، أو تمهيداً، لما نسميه اليوم "كوميكس"؟
فى
رأيى – وواضح مما سيلى ذكره أن هذا هو أيضاً الرأى العالمى – أن المعيار
الأساسى لاعتبار القصة كوميكس، أو على الأقل "شبه كوميكس"، هو تتابع الرسوم
فى كادرات توضح الأحداث، إلى حد ما، دون الحاجة إلى قراءة النص. أما
المعيار الثانى، فيتمثل فى عدم وجود صفحات نصية خالصة، أو فقرات طويلة من
السرد المتواصل، بل يكون السرد في فقرات قصيرة أسفل كل كادر مرسوم. وهذا هو
حال الأعمال القصصية التى أنتجها الفنان الذي نتكلم عنه اليوم: "توبفر".
وُلِد
"رودلف توبفر" Rodolphe Toppfer عام 1799 فى جنيف بسويسرا، وتوفي عام
1847. وكان أبوه - آدم فولفجانج توبفر – فناناً تشكيلياً. وأمضى الأب بضع
سنوات يدرِّس الفن لجوزفين إمبراطورة فرنسا.
أكمل
رودلف توبفر دراسته الجامعية في باريس، ثم عاد إلى جنيف ليعمل مدرساً. وفي
عام 1823، أسس مدرسة داخلية للأولاد. وفي عام 1832، عمل أستاذاً جامعياً
للآداب القديمة في جامعة جنيف، كما كان يقوم بتدريس اللغة اللاتينية واللغة
اليونانية.
وفي الرابعة والعشرين من عمره، تزوج من صديقة أخته – آن فرنسواز مولينيه – ورزق بأربعة أطفال.
كان
توبفر يهتم جداً بتلاميذ مدرسته الداخلية، والذين كان الكثير منهم من
الغرباء عن البلد. كان يعيش معهم قسطاً كبيراً من حياته، ويأخذهم في رحلات
عديدة إلى الكنتونات (المقاطعات) السويسرية، وأيضاً إلى فرنسا وإيطاليا
وجبال الألب، بغرض تعليمهم وإكسابهم معلومات وثقافة بطريقة عملية، إلى جانب
الترفيه عنهم. وكانت زوجته آن تصحبهم فى هذه الرحلات لغرض آخر إنساني، هو
علاج المحتاجين.
وإلى
جانب عمله في التدريس، بدأ توبفر يمارس نشاطاً آخر: الفن التشكيلى. فراح
يرسم لوحات زيتية من النمط الرومانتيكى السائد في عصره. وبالإضافة لذلك،
فاضت قريحته بمجموعة من القصص القصيرة المصحوبة برسوم كاريكاتيرية، والتي
كان يقصد بها تسلية طلابه، الذين كانت عيونهم تتسع من الدهشة والانبهار –
على حد قوله – وهم يرونه يرسم لهم قصصه العجيبة المدهشة. لكن دمجه للرسوم
مع النص المكتوب لقصصه جاء مبتكراً تماماً بالنسبة لما كان سائداً في عصره،
حيث نتج عن أسلوب الدمج الجديد هذا ما اعتبره تاريخ الكوميكس العالمي:
"أول قصص كوميكسية في العالم".
وكانت أول قصة كوميكس ينتجها توبفر بابتكاره هذا هى قصة: Histoire de Mr. Vieux Bois أو "قصة السيد فيو بوا"، عام 1827.
لكن
القصة لم تُنشر إلا عام 1837، في ثلاثين صفحة، بأسلوب الحفر، وكانت كل
صفحة تحتوي على أربعة إلى ستة كادرات. وفي عام 1842، ترجمت القصة إلى
الإنجليزية في الولايات المتحدة الأمريكية على هيئة ملحق لجريدة "الأخ جون"
النيويوركية، بعنوان "مغامرات السيد أوبدياه أولدبك". ويعتبر هذا الملحق
هو أول مطبوعة كوميكسية في أمريكا، والتي ألهمت الأمريكان، بعد سنوات عديدة،
بإنتاج أعمال كوميكسية محلية، كما تعتبر أعمال توبفر هي الملهم الأساسي
لأعمال رائد آخر من رواد الكوميكس، هو الفنان الألماني "فيلهلم بوش".
الطبعة الأمريكية لقصة السيد فيو بوا، أول كوميكس مترجم في العالم
لم
يكن توبفر ينوي نشر تلك القصص أصلاً، بل كان كل ما يقصده تسلية رفاقه
والمحيطين به. ومن الطريف أن أحد أولئك الرفقاء كان الأديب العظيم للألمان،
"فولفجانج فون جوته"، والذي كان هو من أوعز إلى توبفر، عام 1831، بنشر
قصصه. وعمل توبفر أخيراً بنصيحة جوته ونشر سبع قصص، لكن جوته لم يعِش
ليراها.
فلنحيِّ جميعاً، إذاً، أديب ألمانيا الأشهر جوته، فهو الذى ساهم في نشأة الفن الذي نحبه جميعاً: الكوميكس.
جوته
يتميز
أسلوب توبفر في الرسم بالخط الحر المنطلق، دون اهتمام كبير بالدقة أو
بالتفاصيل، مما أكسب رسومه ليونة ورشاقة وجاذبية. وتنتهج جميع أعمال توبفر
الأسلوب الساخر لنقد أحوال مجتمعه في القرن التاسع عشر.
كتب توبفر في مقدمة "قصة السيد جابو" ما يلي:-
"هذا
الكتاب الصغير يحمل طبيعة مختلطة. إنه يتكون من سلسلة من الرسوم، يصاحب
كلاً منها نص من سطر أو سطرين. الرسوم، بدون النص، لها معنى غير واضح؛
والنص، بدون الرسوم، لا يعني شيئاً؛ أما الكل معاً، فهو يكوِّن شكلاً
مبتكراً تماماً للرواية، بحيث أنه لا يشبه الرواية أكثر مما يشبه أي شيء
آخر."
يتكون تراث رودلف توبفر، الرائد الأول للكوميكس، من سبعة ألبومات كوميكس، هم، حسب ترتيب تأليفهم:
1- Histoire de Mr. Vieux Bois قصة السيد فيو بوا (1827 ونشرت عام 1837): وقد أعيدت طباعتها عام 1839 بعنوان: غراميات السيد فيو بوا.
2- Histoire de Mr. Jabot قصة السيد جابو (1831 ونشرت عام 1833): وتحكى عن شاب من الطبقة الوسطى يحاول الصعود إلى الطبقة العليا بالمجتمع.
3- Mr. Pencil السيد بنسيل
(1831 ونشرت عام 1840): وتسرد سلسلة من الأحداث المتصاعدة تبدأ بفنان
يطارد لوحته التى طارت مع الريح، مما يكاد يتسبب في نشوب حرب عالمية.
4- Le Docteur Festus الدكتور فستوس (1831 ونشرت عام 1846): وتحكى عن عالِم يجوب العالَم عارضاً خدماته، غير منتبه إلى الكارثة التي تعترض طريقه.
5- Mr. Crepin السيد كريبان (نشرت عام 1837): وتروي قصة أب يستعين بمدرسين خصوصيين لمساعدة أبنائه غريبي الأطوار.
6- Histoire d'Albert قصة ألبير (نشرت عام 1845): وتروي محاولات شاب قليل الخبرة البحث عن عمل مناسب له. وينتهي الحال به إلى العمل كصحفي يتبنى أفكاراً راديكالية.
7- Histoire de Mr. Cryptogame قصة السيد كريبتوجام (نشرت عام 1845): وهي عن عالم حشرات يذهب إلى أبعد مدى لاستبدال شغفه الحالي بما يناسبه أكثر.
وبالإضافة لما سبق، فهناك خمس قصص أخرى قصيرة لتوبفر لم تنشر، وهى:-
- Histoire de Mr. Trictrac قصة السيد تريكتراك (1830). رسم توبفر 125 كادراً منها، ثم سُرقت ولم يكملها. وقد تم اكتشافها ونشرها عام 1937.
- Histoire de Mr. Fluet et ses quinze filles قصة السيد فليويه وبناته الخمس عشرة (تم رسمها قبل 1837). وهي في أربع لوحات تتكون من 24 رسمة.
- Histoire de Mr. Vertpre et de Mademoiselle Despagnac قصة السيد فاربريه والآنسة دسبانياك (تم رسمها بين 1830 و1840). وهي من أربع لوحات تتكون من 26 رسمة.
- Histoire de Mr. Boissec قصة السيد بواسِك. وهي من خمس لوحات.
- Mr. Kalico السيد كاليكو. وتتكون من 11 رسمة.
وفيما يلي مجموعة متنوعة من الطبعات المختلفة لقصص توبفر الكوميكسية:
وبالإضافة للكوميكس، فقد أنتج توبفر عدداً كبيراً من الكتب الأدبية، وهى كالآتي:-
-الروايات:-
1- بيت الكاهن (1832).
2- الخوف (1833).
3- الرجل الملول (1833).
4- الميراث (1834).
5- إليزا وويدمير (1834).
6- العبور (1837).
7- قصة جول وقصص أخرى (1837).
8- قصص ومخاليط (1840).
9- دكتور فستوس (1840).
10- السيد بنسل (1840).
11- حكايات من جنيف (1841).
12- روزا وجرترود (1847).
-المسرحيات:-
1- الفنان (1829).
2- السيد بريوليه أو الرحلة الأخيرة لبورجوازي.
3- عائلة جرامبيون.
4- مغامرات السيد كروكمول.
5- الصديقان.
6- عائلة كيبروكو.
7- السيد دي سورنيكيه.
8- ديدون.
-أدب الرحلات (كل الأعمال التالية وضع لها الرسوم رودلف توبفر نفسه، بالاشتراك مع أبيه):-
كان
توبفر يهوى الرحلات، وفي الكثير من رحلاته، كان يصطحب معه تلاميذه الصغار
لتعليمهم بشكل عملي، وعند عودته من كل رحلة يقوم بها، كان يدون تفاصيلها
وأحداثها في كتاب. وهذه هي الكتب التى دون بها رحلاته:
1- رحلة تصويرية إلى جريمسل (1825).
2- رحلة إلى جبال الألب لتنمية الفنون الجميلة (1826).
3- رحلة مائية تاريخية رومانسية كوميدية في الشمال الشرقي حتى ريجي (1826).
4- رحلة حول بحيرة جنيف (1827).
5- رحلة تصويرية شمالية جداً (1827).
6- رحلة إلى شامونيكس بمصاحبة الأرغن وممر وبري (1828).
7- رحلة في إيطاليا وراء جواز سفر حتى ميلانو (1828).
8- إلى الدير الكبير (1829).
9- رحلة بين مسطحين مائيين حتى ريجي (1829).
10- رحلة إلى شامونيكس في مضايف سان ميدار (1830).
11- رحلة إلى تورين (1830).
12- رحلة إلى لوجانو (1831).
13- رحلة استكشافية في جبال الألب (1832).
14- إلى الدير الكبير (1833).
15- رحلة إلى ميلانو (1833).
16- رحلة إلى جنوا (1834).
17- رحلة إلى شامونيكس (1835).
18- رحلة استكشافية في الأوبرلاند (1835).
19- رحلة
متعرجة في الجبال والوديان، أو رحلات استكشافية لمدرسة داخلية في إجازة
الصيف، في الكنتونات السويسرية وإلى السفح الإيطالي للألب حتى آينسيدلن
(1836).
20- رحلة إلى الألب و إيطاليا حتى ميلانو (1837).
21- الرحلة المتعرجة الثانية حتى كوار (1838).
22- رحلة 1839: ميلانو، كوم، سبلوجن (1839).
23- رحلة 1840 حتى ريجى (1840).
24- حول البحيرة (1841).
25- رحلة إلى فينسيا (1841).
26- رحلة حول الجبل الأبيض حتى زرمات (1842). وهي آخر رحلة مع تلاميذه.
27- آخر رحلات متعرجة: لوزان (الجزء الأول).
28- آخر رحلات متعرجة: لوزان (الجزء الثانى).
-كتب متنوعة:-
1- خُطب سياسية لديموستين (1824) (كتبه باللغة اليونانية).
2-
انعكاسات وآراء فنان تشكيلى من جنيف: خصص به فصلين عن فنون الأطفال، حيث
كان من رأيه أن للأطفال طاقة إبداعية أكبر من بعض الفنانين المحترفين،
والذين تطغى المهارات التكنيكية عندهم على طلاقتهم الإبتكارية. وقد بدأ
توبفر كتابة الجزء الأول من هذا الكتاب عام 1830، ثم طبعت الأجزاء الاثنا
عشر التي أتمها منه في مجلد واحد عام 1848، بعد وفاة الفنان بعامين.
3- دراسة في قسمات الوجه (1845): وهو أول كتاب يضع نظريات لفن الكوميكس باعتباره فن خليط من الأدب والرسم.
4- دراسة في الجميل في الفنون (طبع فى 1848).
الرائد الأول للكوميكس على مستوى العالم: "رودلف توبفر".
تمثال رودلف توبفر بجنيف فى سويسرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق