الجمعة، 27 ديسمبر 2019

الحديقة والمنزل

بقلم م. هيثم حمد الله

جمعة طيبة أحبابنا الأفاضل : 
عرف عالمنا العربي شخصية "ميكي ماوس" من دار الهلال في مجلتها "سمير" التي صدرت عام 1956 قبل أن تفرد تلك الدار لهذه الشخصية مجلة مستقلة عام 1959 و لكن ما لا يعلمه القلة من محبي هذه الشخصية أنها عُرفت في مصر قبل هذا العام بكثير ...شخصية ميكي ماوس قُدمت في مجلة  
"الحديقة والمنزل" 
وهي مجلة مصرية أسبوعية صدر العدد الأول منها في آذار / مارس 1938م، صاحبها وناشرها ورئيس تحريرها عباس السيد حسين، شعارها: "مجلة الحديقة والمنزل، زراعية، أدبية، اجتماعية" وهي مجلة موجهة لأطفال المدارس أيضاً. 

لا يوجد للمجلة فهرس لكنها تعتمد اعتماداً ملحوظاً على القصص القصيرة المترجمة. تنشر المجلة رسوماً لميكي ماوس وأقرانه وتعتمد على
رسوم عالمية وصفحات كرتونية غالبها من مجلة   " Good Housekeeping "  الصادرة منذ العام 1885 في أمريكا.

يبلغ عدد الصفحات المستقاة من المجلة الامريكية و سواها 4 صفحات ملونة من بين 42 صفحة أبيض وأسود، جاء في العدد الثاني عشر أن مجلة الحديقة والمنزل صديقة كل أديب، صدرت لتسد الفراغ التي كانت تشعر به الأوساط العائلية فقد عنيت بدراسة فلاحة البساتين والتدبير المنزلي بطريقة سهلة مستساغة على حل تعبيرها. 

تتضمن المجلة صفحات للتسالي والمعلومات والطرائف، وتنشر مساهمات القراء و ومسابقات في الرسم والتلوين. تعتمد المجلة على نشر إعلانات في جميع صفحاتها، وثمن نسخة منها قرش صاغ من كتاب المجلة إسماعيل كامل وإسماعيل توفيق وحافظ حسين عامر و عبد الله أحمد عبد الله و هذا الأخير قد تقمص شخصية ميكي ماوس و صار يعرف باسمه و يمضي و يوقع في مقالاته باسم ميكي ماوس  

  و لنقرأ معا السبب في تقمصه لشخصية ميكي ماوس بل و انتحال اسمه بلسانه شخصيا: حان الوقت للرد على السؤال الخالد الذي طالما واجهنى ولا يزال من قرائى ومن الجدد من أصدقائى: ما سر اسم ميكى ماوس؟ لماذا اخترت هذا اللقب لأوقع به كتاباتى وأعرف به؟    وأرد أنه أثناء عملى في مجلة (الحديقة والمنزل) عام 1938 دخل علي الأستاذ إسماعيل كامل بمجلة أجنبية فاخرة الطبع ــــ مجلة لايف ( في الواقع ليست هي المجلة بل هي المذكورة أعلاه فلربما اختلط على كاتب المقال اسمها ) ــــ وأشار لى إلى صورة فيها تمثل صفحة بالألوان، فيها أوركسترا موسيقى كامل كل عازفيه ميكى ماوس ـــ بتاع والت ديزنى ـــــ عازف البيانو ميكى ماوس والتشيلو ميكى ماوس وحتى المايسترو ميكى ماوس.    

قال لى إسماعيل إيه رأيك الصورة دى ما توحيش لك بكوبليه زجل تعلق به عليها، دققت في الصورة والرسم بمعنى أدق فوجدتها بالفعل تحرك الهام الزجل.    وافقت إسماعيل كامل على نظم كوبليه زجل أو أكثر تعليقا على هذا الأوركسترا الظريف، وفتح الله على بكوبليه ـــ نسيته مع الأسف ـــــ وأعجب الرجل بالكوبليه وأسرع به لنشره مع الرسم في مجلة (الحديقة والمنزل) وهنا قلت له: الزجل طلع كويس وأنا عايز أمضيه.    فسألني وإيه المانع أمضيه ؟ قلت له: بس أنا ماضي باسمي على الباب الأدبي - فكان العرف في ذلك الوقت لا يجيز أن يظهر للمحرر أكثر من إمضاء في العدد الواحد ولو كتب أكثر من موضوع ــــ وكان لا بد من احترام هذا العرف، وفكر الرجل وقال: اسمع.. أمضى الزجل باسم ميكي ماوس.    أعجبني الاقتراح، وهكذا وقعت ميكي ماوس لأول مرة عام 1938 وكان صاحب الفضل في هذا الاسم هو أستاذنا عباس كامل (المخرج /م هيثم )  رحمه الله.    
ومن عام 1938 وأنا ميكي ماوس.. لقب ساعد على شهرتي مبكرا، وعندما تزوجت وأنجبت وكبر أولادي فكرت في عدم استعماله حتى لا أسبب لأولادي حرجا مع زملائهم وأصدقائهم ولا يعايرهم أحد بأنهم أبناء ميكي ماوس، لكنى لم أفلح، فقد كنت قد عرفت به صحفيا وإذاعيا وسينمائيا فامتثلت وتعزز اعتزازي به.    و كما قرأنا مع حضرتكم كانت هذه نبذة عن شهرة ميكي العربية في مصر أولا و من ثم العالم العربي لاحقا كشخصية قصصية و يبدو أن هذا ما حفز السيدة ناديا نشأت وريثة كبرى الصحف المصرية (دار الهلال ) أن تسعى لنيل حقوق نشر هذه الشخصية و بشكل رسمي في عالمنا العربي ...كانت هذه خاطرتي لهذا اليوم و الى أن القاكم في منشور آخر أترككم برعاية الله و فضله دمتم بخير .

هناك 3 تعليقات:

  1. عبد الله احمد عبد الله كاتب شهير في المجال الفني والكاريكاتير وقد عاصر و زامل كثيرا من الفنانيين و كان له برنامج رائع في التليفزيون يقوم فيه بسرد حكايات وقصص عن الفنانيين القدماء لم يعرفها احد عنهم.... له اكثر من كتاب ايضا به نوادر الفنانين اقوم بجمعها.. لدي البعض وينقصني البعض و له ايضا كتب كاريكاتير ولكني غير مهتم بها... كان شخصيه فريده... رحمه الله

    ردحذف
    الردود
    1. صدقت استاذنا البارحة استمعت لحديث اذاعي له قرابة الساعة، هذا الرجل عبقري و مصري أصيل، رحمه الله تعالى

      حذف
  2. لي موقف مع الصحفي الراحل "عبد الله احمد عبد الله" رحمه الله .. كنت طفل صغير و دق جرس الباب .. فتحت له ووجدته يسأل عن والدي (الصحفي أيضا لمن لا يعرف) .. يبدو انه جاء بدون موعد لأن والدي لم يكن موجودا .. و عندما سألته عن اسمه حتى ابلغه لوالدي عند رجوعه .. ابتسم و قال ميكي ماوس .. و تركني اضرب اخماس في اسداس .. و عندما عاد والدي اخبرته و طلبت منه تفسير الأسم فأخبرني بقصة اطلاق "عبد الله احمد عبد الله" على نفسه اسم ميكي ماوس .. الله يرحمه

    ردحذف