الثلاثاء، 14 فبراير 2012

أحمد حجازي

قيل

رسام وسيناريست كوميكس مصري
من مواليد عام 1936
الوفاة عام 2011

من أعماله:


بقلم م. هيثم حمد الله



بقلم: الفنان عادل
قيل
بتاريخ: الجمعة أكتوبر 21, 2011 12:42 pm
إنتقل إلى رحمة الله صباح اليوم الرسام المصري الكبير احمد حجازي الذي عرفناه في سمير ( تنابلة الصبيان ) و ميكي ( ميكي و القط الأحمر ) و في ماجد ( زكية الذكية و عفاريتو و سيف الدين و غيرهم )



و الخبر كما أورده موقع جريدة الدستور
غيب الموت صباح اليوم فنان الكاريكاتير الأشهر حجازى الذى وافته المنيه عن عمر يناهز 71 عاما ، بعد رحلة طويلة من الابداع فى فن الكاريكاتير بدأها بمجلة صباح الخير وروزاليوسف ثم انتقل الى جريدة الأهالي وعدد من الجرائد والمجلات العربية .
ولم يتوقف ابداع حجازى عند الرسم للكبار فقط ، حيث أبدع عدد كبير من رسومات الأطفال من بينها مجموعته الشهيرة "تنابلة السلطان " وفى التسعينات آثر الفنان الكبير ، وقرر فجأة ترك القاهرة والرحيل الى مسقط رأسه فى مدينة طنطا التى لم يفارقها رغم كل العروض التى تلقاها من مجلات وجرائد عربية .
http://www.dostor.org/culture/news/11/october/21/58766

و سأورد مقال للكاتب الكبير أحمد خالد توفيق عن الفنان حجازي كتبه قبل و فاته بفترة

ولا‏ ‏تنسوا‏ ‏عم‏ ‏حجازي‏!‏ ما‏ ‏زال‏ ‏الوقت‏ ‏مبكرا‏ ‏للحكم‏ ‏علي‏ ‏مدي‏ ‏نجاح‏ ‏فيلم‏ ‏الفاجومي‏.. ‏هناك‏ ‏مشكلتان‏: ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏الفيلم‏ ‏جيدا‏ ‏وأن‏ ‏يستقبله‏ ‏الناس‏ ‏جيدا‏ ‏لو‏ ‏كان‏ ‏جيدا‏, ‏أنا‏ ‏لم‏ ‏أر‏ ‏الفيلم‏ ‏بعد‏ ‏وأتلهف‏ ‏لمعرفة‏ ‏ما‏ ‏تم‏ ‏صنعه‏, ‏غرابة‏ ‏وأهمية‏ ‏هذا‏ ‏الفيلم‏ ‏تنبعان‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏الفيلم‏ ‏المصري‏ ‏الوحيد‏ ‏علي‏ ‏قدر‏ ‏علمي‏ ‏الذي‏ ‏يؤسس‏ ‏علي‏ ‏شخصية‏ ‏ما‏ ‏زالت‏ ‏بيننا‏ (‏أعطاه‏ ‏الله‏ ‏طول‏ ‏العمر‏ ‏والصحة‏) ‏وهو‏ ‏شرف‏ ‏لم‏ ‏ينله‏ ‏رؤساء‏ ‏مصر‏ ‏المتعاقبون‏ ‏ولم‏ ‏ينله‏ ‏أي‏ ‏نجم‏ ‏
عندما سمعت عن الفيلم تذكرت علي الفور فنان الكاريكاتير الرائع حجازي والسبب طبعا هو الدور الذي يعترف أحمد فؤاد نجم بأنه لعبه في حياته . كان معه طيلة الوقت في فترة من الفترات ويقول نجم إنه كان ( ينكشه ) كثيرا .. مثلا سأله عما إذا كان قد قرأ بيرم التونسي فرد نجم بطريقة الفاجومي : ( ما عجبنيش ) هنا قال حجازي : ( انت ابن .... كداب ) وأعطاه ديوانا لبيرم قرأه نجم فعلا . عندها أدرك أي شاعر مرعب هو بيرم , لقد تعلم نجم ـ بشهادته ـ كثيرا جدا من حجازي لكن بتلك الطريقة الساحرة .. فهو لم يشعر قط أن حجازي يعلمه أو يتعالي عليه بالمعلومة وأعتقد أن طبيعة نجم الجامحة تجعله ينفر علي الفور من كل من يلعب معه دور المعلم ..
هكذا يعترف نجم بوضوح بأن حجازي لعب معه دور المعلم الروحي أو الـ mentor الذي قال كامبل إنه محوري في تكوين شخصية البطل الملحمي .
لعب حجازي دورا عظيم الأهمية لدي جيل بكامله ومن المؤسف أنه توقف تماما واعتزل الناس , والأسوأ أنه يقيم علي بعد أمتار مني لأنه موجود في طنطا لكني عجزت تماما عن معرفة عنوانه ولو عرفته لما رحب بي وقد خذلني كل أصدقائه الذين وعدوني بأن يأخذوني معهم لزيارته . قيل إن اعتزال الكون هذا بسبب الإحباط أو اليأس من التغيير وقيل إن خجل الفنان الطبيعي تغلب عليه , حجازي خجول جدا بشهادة الجميع وينفر من التجمعات . لقد كان يقيم في المنيل فترك الشقة ولم يأخذ مليما مقابل ذلك وعاد إلي طنطا ليعيش وسط شلة أصدقاء ضيقة جدا وليشعر بأنه قريب من الريف والبسطاء الذين لا يشعر بالراحة إلا معهم .
تقول موسوعة الويكيبيديا عنه إنه واحد بين 11 أخا وإن بيته يوجد علي جانب شريط السكة الحديد في كفر العجيزي بطنطا وإنه عمل في مجلة صباح الخير !.. هكذا فقط !.. كأن موهبة حجازي العظيمة هي أنه ولد في كفر العجيزي !. أحيانا تكون هذه التقارير مضحكة جدا ذكرتني بتقرير المخابرات المصرية الذي أورده هيكل إذ يتكلم عن قائد العمليات الإسرائيلية في فلسطين عام 1948 فيقول التقرير : ( هو فلاح ضخم الجثة )!. يقول هيكل إن ذلك القائد مفكر سياسي مهم وكانت له وقتها كتب تملأ الأسواق في أوروبا فمن الغريب نوعا ألا يقول عنه تقرير المخابرات سوي إنه فلاح ضخم الجثة ..!
نشأت لأري رسوم حجازي المميزة في مكانين : مجلة صباح الخير ومجلة سمير .
لم يظهر حجازي في منافسة سهلة فقد كان عصره يعج بأسماء مثل الليثي وبهجت وصلاح جاهين .. لكنه استمر وحفر لنفسه مكانا واضحا عميقا .
كان له أسلوب معين فريد من نوعه .. أعتقد أنه الرسام الأكثر مصرية في تاريخ الكاريكاتير ومن (شبه) المستحيل أن تجد له شبيها بين الرسامين العالميين , تشربت أنماط رسومه : الثري الأصلع واللص الذي يلبس نظارة وبدلة سوداء وسعيد بنفسه والعامل الفقير بفانلته الداخلية الممزقة والسيجارة في يده وزوجته الحامل حلوة الملامح التي ما زالت ترضع طفلها وتربط رأسها بمنديل بأوية والفتاة المصرية الحالمة التي رسمها كما لم يرسمها فنان آخر .. أعتقد أن سعاد حسني قد أثرت بشدة في ملامح الأنثي التي يرسمها .. ضفائرها وأهدابها الطويلة السوداء ونظرتها الجانبية ... تنظر لمن؟ .. للشاب المصري الوسيم كما يرسمه حجازي بقامته الفارعة وعضلاته وشاربه .. ثم الطفلة الصغيرة الدقيقة الحافية التي قد تكون شغالة صغيرة والتي تراها في كل ركن بالحارة وتحمل صاجات الكعك في العيد . العبقرية كل لا يتجزأ لهذا سوف تشعر أنك رأيت بعض هذه الوجوه في أوبريت الليلة الكبيرة مع عرائس السقا . ألم تكن هي نفس الطفلة الصغيرة التي ضاعت في الزحام يا ولداه .. بنت تايهة طول كده .. رجلها الشمال فيها خلخال زي ده .. كأن الفتاة هربت من أمها لتعمل مع عم حجازي ..
هناك مفاتيح بصرية خاصة بحجازي , المدفع له شكل معين وعلي طريقة المصريين القدماء يظهر المدفع والمسدس في وضع بروفيل بينما تري الفوهة كاملة الاستدارة كأنها في وضع ( فاس ), المآدب وأوراك الدجاج والسمك في الأطباق .. كلها رموز بصرية ألفها القارئ .. حتي أوراق العملة لها طريقة بصرية مألوفة .. وعندما يريد أن يوحي لك بالإفراط في الزخرفة فإنه يصنع ذلك بخطوط مرهقة فعلا .. هو في كل هذا لا يقلد أي رسام عالمي وأعتقد أن فناننا الجميل عمرو سليم جاء من نفس المقلع الذي جاء منه حجازي .
الكل في عوالم حجازي لهم مظهر لذيذ حتي الأشرار أنفسهم لا تملك إلا الابتسام عندما تراهم , لكن انحيازه للفقراء واضح جدا , هناك كاريكاتير شهير له يظهر عربة كارو بها بعض الفلاحين يرقصون ويطبلون في مرح زائد بينما تمر جوارهم سيارة فاخرة يجلس بها مجموعة من الأثرياء مكفهري الوجوه وفتاة قبيحة تنظر من النافذة مشيرة للفقراء قائلة : بابا الناس دي شكلها مبسوطة أكتر مننا ليه؟ !
كل رسم لحجازي يحمل فكرة تبقي معك .. فهو بالتأكيد لا ينتمي بتاتا لمدرسة الكاريكاتير السطحي الذي يتكلم عن الحموات والزوجة الشرسة والمشاكل اليومية التافهة .. لكن رسومه كذلك ممتعة ومبهجة جدا .. طلاوة لا شك فيها خاصة عندما يكون مزاجه رائقا ويستعمل الألوان .
مصري بفظاعة .. مصري حتي النخاع خاصة عندما تري الموظف الجالس بالبيجامة الكستور المقلمة يدخن أمام التليفزيون وزوجته تصب الشاي في أكواب رخيصة وعينها علي ابنتها المراهقة الواقفة في الشرفة تتلقي نظرات صامتة هائمة من ابن الجيران , لو أردنا فنانا واحدا نعرضه علي الغربيين ليعبر عن الكاريكاتير المصري فأنا أرشح حجازي أولا وإن كنت أعتقد أن المشاهد الغربي لن يتذوقه جيدا .. إن تذوق حجازي بشكل كامل يحتاج إلي أن تكون قد شممت رائحة طشة الملوخية وعانيت أعاصير النار في معدتك بسبب الفول والطعمية وتعرف ما هو المغات وما هي زفة المطاهر ومذاق الذرة المشوية دون نزع قشرتها .
لم ير أحد حجازي وهو يرسم ولم يعرف أحد طقوس الرسم عنده لأنه كان يذهب مبكرا جدا لمجلة صباح الخير وينهي كل شيء قبل أن يأتي أحد .. وهي سمة عامة لدي هؤلاء الموهوبين .. لم ير أحد بيرم التونسي وهو يقرض الشعر أو صلاح جاهين وهو يرسم أو أحمد رجب وهو يكتب .. لم يكن حجازي ممن يظهرون في البرامج التليفزيونية ليرسموا ..
كان حجازي يقدم في مجلة سمير قصص ( تنابلة الصبيان ) وهي قصص مازالت تثير دهشتي .. هناك قدر غير عادي من التنبؤ بما سيحدث في مصر .. كتبت منذ أعوام عن هذه القصص قائلا : الكبار كعادتهم ينظرون لما يطالعه أطفالهم علي أنه ( شغل عيال ).. من هذه الثغرة تسلل حجازي وألف ورسم أجرأ قصص يمكن تصورها .. لابد أن رجل المخابرات كان يقضي يومه في تعذيب الاخوان والشيوعيين وينقب بالميكروسكوب في كل مطبوعة وجريدة ثم يشتري مجلة سمير في طريق العودة ليقرأها أطفاله .. غير عالم أنها تحوي قصص ( تنابلة الصبيان ) لحجازي ..
' لقد كان الانفتاح في علم الغيب .. ولم تكن هوجة الأطعمة الفاسدة ولا الغش الصناعي قد بدأت وما أذكره علي قدر علمي أن الشرطة كانت في خدمة الشعب وقتها قبل أن يصير الشعب في خدمة الشرطة .. لكن عمنا حجازي يقدم لنا ثلاثة أطفال كسولين شديدي البدانة والخبث هم تنابلة الصبيان .. هؤلاء الأطفال القادمون من بلاد السلطان يلعبون بالاقتصاد المصري لعبا .. لقد استعملوا علب البولوبيف المصنع في الغرب وغيروا الورقة اللاصقة عليه ليبيعوه علي أنه منتج مصري مائة في المائة !.. وزارة الصناعة تهلل والإعلام يصفق والمذيعات البلهاوات يجرين معهم اللقاءات .. لقد صاروا من أقطاب الصناعة في مصر وهم نصابون لا أكثر .. الأدهي أنهم يتفقون مع نشال مشهور هو ( علي عليوه ) ليسرح رجاله لسرقة رواتب موظفي شركتهم أول الشهر !.. وهكذا يدور المال دورته ويتمكنون من دفع الرواتب أول كل شهر .. يقرر الموظفون ركوب سيارات أجرة لتفادي النشل هنا تتبدي سخرية حجازي عندما نكتشف أن قوانين الشركة تحتم علي الموظفين العودة بالأوتوبيس !.. واحد فقط يكتشف المهزلة هو سمير نفسه .. يحاول فضح التنابلة ويوزع المنشورات ضدهم فيعتقل وتحاكمه محكمة أمن الدولة ويلقي به في السجن .. وفي النهاية يفر التنابلة بما سرقوه إلي الخارج !.. ( هذه النهاية اضطرت دار الهلال لتغييرها في الألبوم الذي أصدرته للقصة في عهد السادات ) ..
' هناك قصة أخري لتنابلة الصبيان تحكي كيف تقمص أحدهم دور ضابط والآخر دور وكيل نيابة والآخر دور طبيب وهبطوا علي قرية مصرية بريئة ليتحالفوا مع العمدة والبقال الثري ( حسبو ) وينهبوا مواشي الفلاحين .. مع أغنية تتردد باستمرار هي ( الهش كده .. كل ولاد العز كده .. أما ولاد الفلاحين .. سود ومش قد كده !).. لاحظ أننا لا نتكلم عن مسرحية لـ ( نعمان عاشور ) .. بل قصة أطفال مصورة .. يا للرسام العبقري الخبيث !.. كل هذا قبل الانفتاح بثمانية أعوام !..
' لكن السبب الذي جعل هذه الأعمال تمر تحت أنف الرقابة هو نفس السبب الذي جعلها تتبخر كأنها لم تكن : إنها قصص أطفال ..'
كيف تنبأ حجازي بهذا كله؟ إن حساسيته السياسية مرهفة جدا وأعتقد أنه تعذب بها كثيرا فقد كان يري وسط الضباب بوضوح .
لم يكن جيل الكبار كله واهنا صامتا .. اعتدنا أن نقول هذا تعاطفا مع الشباب ثم انبهارا بالثورة ولكن في هذا بالتأكيد الكثير من الظلم لأمثال حجازي وغيره من الشرفاء الذين لم يصمتوا لحظة في عهود الظلم وعندما تكلم د . فاروق الباز عن الأجيال الفاشلة السابقة فقد ردت عليه الأستاذة سناء البيسي بحزم في مقال جميل وذكرت أمثلة للذين حاولوا ..
لم يكن حجازي من المتخاذلين بالتأكيد بل قاتل كثيرا جدا .. أعتقد أن حياته كانت سلسلة من المعارك والحروب بلا توقف , وفي النهاية هو ممن لم يحصلوا علي شيء .. إنه زاهد تماما في أي مال أو منصب أو نفوذ أو شهرة , كل لوحة رسمها حجازي كانت ضربة عنيفة قوية سددها لجدار الطغيان والظلم والغباء الإداري .. ضربة عنيفة كادت تؤذي ذراعه هو نفسه , عندما انهار الجدار في 25 يناير فعلينا ألا ننسي الضربات التي ملأته بالشروخ من قبل .
نعم .. لا تنسوا عم حجازي في هذه اللحظات وأترككم مع لوحة جميلة لا أستطيع نسيانها : عندما تحررت سيناء رسم حجازي مسئولا منتفخ البطن والأوداج ونظارته سوداء ويدخن السيجار يدخل إلي سيناء وأمامه يغني مطرب منافق من إياهم علي العود : ' حنزرعك مواويل خضرا .. ونزرعك غناوي '. نري فلاحا مصريا أصيلا وزوجته يحملان الفأس والغلق , والفلاح يقول : ' بعد إذنكم سيبونا احنا نزرعها بطريقتنا ومــا تتعبوش نفسكم !' كاريكاتير يلخص كل شيء .. ليتنا مرة واحدة نفعل بدلا من أن نغني ..
المصدر
http://shabab.ahram.org.eg/Print.aspx?ContentID=5613





اضافات:
محمد عاشور قال:
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
كان فنانا متميزا .. لا يشبه أحدا.. أسلوبه في الرسم كان متفردا.. كما أنه أجاد قراءة الثقافة الشعبية المصرية وألم بكل مفرداتها ودقائقها وخفاياها وعشق الشخصية المصرية بكل أبعادها من الذكاء والألمعية إلى الحماقة والكسل وسلاطة اللسان وحب الكسل والتنبلة
كان يساري الفكر وكان ابنا بارا من أبناء روزاليوسف في فترة الستينات مع أحمد بهاء الدين وصلاح جاهين وصلاح حافظ ومحمود السعدني وغيرهم
كان وراء الثنائي نجم وامام حيث أضاف لهما الكثير من الأبعاد والمضامين التي كانت خافية عنهما وأخرج أدبهما من نطاق المحلية إلى آفاق العالمية (جيفارا مات مثلا)
خير من عبر عن حجازي وحلل أعماله هو ابن بلده الأديب اللامع الدكتور أحمد خالد توفيق
أعتقد أن خير تكريم يبذله منتدانا لذكراه هو نشر قصص تنابلة السلطان وغيرها من أعماله العظيمة (مع التركيز على التنابلة بوجه خاص لأنها في رأيي المتواضع درة أعماله) ولا أعتقد أن أي عضو لديه قصة من أعمال حجازي سيتقاعس عن رفعها حيث أن منتدانا أصبح يحتل مكانة بارزة في عالم الفن والثقافة والأدب وأصبحت بعض الصحف والمواقع تنقل عنه
========
ميم1986 قال:
 الحفل الذي لم يحضره الفنان حجازي
حجازي بريشة صديقة الفنان  المبدع مصطفى رحمة

 من اليمين : ؟ , بهجت عثمان , حجازي , جمعة , محمد حاكم , احمد عز العرب

المقال التالي جاء في جريدة القاهرة

حجازي.. رحيل العابد الزاهد والفارس النبيل
--------------------------------------------------------------------------------

لا يدرك قيمة وقامة عملاق الكاريكاتير حجازي الذي غيبه الموت يوم الجمعة الماضي، إلا من عرف "روز اليوسف" الحقيقية في خمسينات وستينات القرن الماضي، خلال تلك الأيام البعيدة السعيدة التي كانت تفور بالأمل والعمل والحلم القومي، والتي حلقت بفنون مصر حتي وصلت بها إلي القمة، في السينما والمسرح ومسرح العرائس والموسيقي والغناء والفنون التشكيلية والشعبية.. ولم يكن الكاريكاتير استثناء، فقد شهدت تلك الفترة صعود وإنجاز أعظم رواده: حجازي وبهجت عثمان وصلاح جاهين وجورج البهجوري ورجائي ونيس والليثي وغيرهم. وليس من قبيل الصدفة أن يكون كل هؤلاء العمالقة من أبناء "روز اليوسف" التي كانت مدرسة عريقة لتخريج العباقرة والقامات العالية.. ففي حين كان هؤلاء في "فصل الكاريكاتير"، كان "فصل الكتاب" يضم إحسان عبدالقدوس وصلاح حافظ وفتحي غانم وأحمد بهاء الدين ومصطفي محمود وأحمد بهجت وغيرهم، وكان فصل "الفنانين والمصممين" يضم أبو العينين وحسن فؤاد وجمال كامل ومأمون وهبة عنايت وناجي كامل وغيرهم كثيرون. لم يكن هناك ثمة تكييف أو أثاث جلدي أو زجاج داكن، كانت فصول "روز اليوسف" من المكاتب الصاج ومراوح المصانع الحربية والكراسي الخشبية الشبيهة بكراسي المقاهي.. لم تكن هناك بدل أو كرافتات أو أحذية لامعة، كانت الأناقة الحقيقية أناقة الروح والأفكار.. في هذه الأجواء الموحية المبدعة نمت موهبة حجازي الذي كان قد دخل "روز اليوسف" في منتصف الخمسينات محملا بهذه الموهبة وبثقافة بصرية هائلة اكتسبها من سفره إلي كل أنحاء مصر بصحبة والده الريفي البسيط سائق القطار، حيث تحولت نافذة القطار بالنسبة إليه إلي إطار لوحة متجددة للطبيعة المصرية الخلابة. وعن ذلك قال: "لقد رأيت مصر كلها، بحري والصعيد، الريف والحضر، الكفور والنجوع، من نافذة القطار، فقد كان والدي يصطحبني معه طوال الإجازة الصيفية، وهناك عرفت كل مفردات الحياة الاجتماعية، فقد كان القطار يجوب بنا أماكن كثيرة ومتنوعة، أطالع خلالها السرايات والفيلات، وأيضا البيوت الطينية وعشش البوص والقش، يعبر بنا النيل وفروعه من فوق الكباري، ويتوازي معه فيطل بنا علي مشاهد ومناظر تتدفق من الليل إلي النهار". برقية إلي الأعماق ورغم أن هذه الذخيرة البصرية كان من الطبيعي أن تقوده إلي الرسم، إلا أنه لم يكن يري ذلك، ويوضح هذه المفارقة قائلا: "من بداية دخولي مدرسة القباري الابتدائية بالإسكندرية، حيث أقمنا هناك لفترة، كنت أرسم باستمرار كأي طفل، وعندما عدنا إلي بلدتنا طنطا ودخلت الأحمدية الثانوية، لم يخطر ببالي أنني سأكون رساما في يوم من الأيام.. كنت أعد نفسي لأكون شاعرا أو كاتبا واعتبر الرسوم نوعا من التنفيس، ومن هنا عندما كان مدرس الرسم ينادي الناظر ويصطحبه مع مدرسي المدرسة لمشاهدة رسومي، لم أكن أعتبر، حتي هذه اللحظة، أن هذا شيء ذو قيمة، وظلت خطوطي تنساب علي الورق بلا رقيب أو حسيب وأرسم بلا توقف دون أن أعي أهمية ذلك.. لم أعرف أنه نوع من الفن إلا عندما طالعت روز اليوسف، ورأيت رسوم عبد السميع التي كانت تتصدر غلافها بالأحمر والأسود وتمتلئ بها الصفحات تهاجم الملك فاروق وتتصدي للاستعمار والرجعية.. ولقد أحدثت تلك الرسوم بداخلي نوعا من الفوران الذي جعلني لأول مرة أشعر بقيمة ما أنجزه من رسوم في هذه السن". عمل حجازي رساما للكاريكاتير بـ«روز اليوسف» منذ عام 1954 .. وعن عشقه الأول يقول: "أحب الكاريكاتير ولا أعرف بالضبط ماذا كنت أحب أن أشتغل لو لم أعمل رساما، وفن الكاريكاتير عموما يستوعبه الكبار والصغار وهو ليس بالضرورة عنصر إضحاك، بل قد يكون مؤلما صادما دافعا علي التغيير، وهو بمثابة البرقية التي تنفذ إلي الأعماق.. إنني أستطيع أن أضحك حين أرسم موظفا فقيرا لا يجد ما يأكله، لكن حين أرسم مجاعة في أفريقيا أو إنسانا بلا وطن فلا يمكن أن يكون هدفي مجرد الإضحاك فقط". ومن رأيه أنه من الخطأ أن نربي أطفالنا علي طريقة: "اسمع كلام الآخرين ولا تسمع كلام نفسك "، أن نقول له: "اسمع الكلام " وليس: "افهم الكلام "، مع أن المفروض أن يفهم حتي لا يكون خاضعا وحتي يصبح إنسانا له دور، إنسانا مشاركا وفعالا.. "وأنا أحاول حين أرسم للصغار والكبار أن أكون قريبا منهم.. حيث أتعامل في رسومي معهم علي أنني جزء منهم، جزء من الطفل والشاب والعجوز.. وهم الذين يدفعونني لأفكاري". ألوان صريحة من الطين المصري تشكل أحمد إبراهيم حجازي، المولود عام 1936 لسبب غير معروف في الإسكندرية، حيث إن مسقط رأسه قرية كفر عجيزي في طنطا التي عاش فيها شبابه وعاد إليها قرب نهاية حياته زاهدا في كل شيء.. ومن الطبيعة المصرية المسالمة الطيبة اكتسب هدوءه النبيل الذي كان سمته المميزة ومفتاح شخصيته كفارس في زمن عز فيه الفرسان، والأهم: اكتسب البساطة المتناهية التي كانت بدورها السمة المميزة لأعماله ومنجزه الفني وفلسفته في الحياة، حتي صار مثل العابد المتصوف في محراب الفن. من دون توقيع، تستطيع أن تميز رسوم حجازي: ألوان مبهجة صريحة، لا لبس فيها ولا تأويل.. خطوط شديدة الوضوح والبساطة، مثل خطوط الأطفال، مختزلة إلي أبعد حد بوعي وحكمة شديدة، ترسم عالما من الاستدارات والانحناءات يحاكي حركة الكون، وتخاطب الوجدان برقتها، وفي نفس الوقت تتميز بعبقرية شديدة في تصوير مفردات الحياة المصرية، خاصة الحياة الشعبية.. عناصر قليلة ومجردة تكفي لنقل من يطالعها إلي قلب هذه الحياة الشعبية: طبلية أو لمبة جاز أو حائط مشروخ، لكن من دون قبح أو مزايدة علي الفقر والفقراء الذين كان يعتبر نفسه منهم. ومن فرط بساطة رسومه، قد يتصور البعض أنه من السهل تقليدها، إلا أن ذلك (شبه) مستحيل، لأنها بساطة السهل الممتنع القائم علي فلسفة ورؤية خاصة للحياة، وعلي اختزال فني مدهش لا يهتم بالتفاصيل قدر اهتمامه بالفكرة والمضمون.. لذلك وصل بسهولة إلي الأطفال، وتألقت أعماله المخصصة لهم في العديد من دور النشر والصحافة.. ولذلك أيضا كانت رسومه الكاريكاتيرية السياسية والاجتماعية تصيب قلب هدفها من دون هتاف أو صراخ، ليستحق أن يكون ضميرا للوطن ينبه للخطأ ويدق أجراس الخطر من دون أن يسعي لمال أو جاه أو سلطة. فنان بهذه الرقة والبساطة والشفافية، كان من الطبيعي والمفهوم أن ينسحب في سنواته الأخيرة - فيما يشبه الاعتكاف الصوفي النبيل - عائدا إلي بلدته، تاركا العاصمة بكل صخبها وجنونها لمن هم أكثر منه قدرة علي تحملهما.

بقلم : أسامة عبد الفتاح

السفير:
لم تعطِ الحياة أحمد حجازي كل ما طلب، ولكنه أعطى حياة الآخرين أقصى ما يستطيع ان يعطيهم وبغير طلب: جعلهم يبتسمون بل ويضحكون من هفواتهم ومن مباذلهم ويشعرون بانهم يستطيعون، لو انهم أرادوا، ان يكونوا أفضل.
ولقد أحب هذا الولد الفقير الوافد من طنطا إلى القاهرة في بداية الخمسينيات ليدرس الفنون الجميلة ان الكاريكاتور يسكن دمه، خصوصاً انه كان يتابع ـ كقارئ ـ رسوم «عبد السميع» في روز اليوسف قبل ان يلتقي «أستاذ الكل» حسن فؤاد الذي شجعه ورعاه وأقنعه بأنه يستطيع ان يضيف إلى ما يقدمه عبد السميع لأنه يملك ان يجعل قارئه يضحك من نفسه فيحبها أكثر.
من «دار التحرير» إلى «روز اليوسف» حيث بدأ رحلة اكتشاف نفسه واكتشاف الآخرين، وعندها أحدث النقلة النوعية التي كان يفكر فيها ثم يتردد خوفاً من رفض المبدأ: انه حين يسخر من عيوب المجتمع، بنسائه ورجاله، ومن البيروقراطية والبلادة، ومن التخلف وادعاء العجز، فإنه إنما يحرض الجميع على الخطأ والكسل والمباهاة بما لا يعرف حتى لا يتهم بالجهل.
ولقد وجد أحمد حجازي في «روز اليوسف» كل من يحتاج: رعاية فاطمة اليوسف وتشجيع إحسان عبد القدوس والتتلمذ على يدي صلاح جاهين الذي رسم الشعر وجعل الكاريكاتور قصائد. ثم تكامل طابور المجندين لإبداع الفن الذي كان يشكو من برودة الترجمة لمجتمعات أخرى لها مذاق مختلف في النكتة، ولها مواضيع مختلفة تماماً لسخريتهم.


وهكذا بدأ يغرف من الشارع: الشرطي الذي يمسح المخالفة بسيكارة رشوة، والموظف الذي يمتهن المواطن الطبيعي ويتذلل أمام صاحب النفوذ والثروة، والشحاذ الذي يخفي ثروته ويمد يده بالسؤال كنوع من الشطارة، والمأمور الذي يحقر المواطن.
جاء أحمد حجازي بقاع المجتمع إلى صفحات المجلة، وأسهم مع فرسان جيله، جاهين ورجائي وبهجت وجورج، في تأصيل فن الكاريكاتور في مصر وجعله مادة صحافية لها احترامها ومكانها المميز في الصحف والمجلات، تماماً كمقالات رؤساء التحرير والصحافيين المميزين.
كانوا طابوراً من المقائلين بالريشة الساحرة والفكرة الباهرة ببساطتها، فأضحكوا الناس من أنفسهم، من أخطائهم ومباذلهم، من جبنهم وخوفهم من السلطة...
وصاروا كتيبة مقاتلة في خندق ثورة 23 يوليو وقائدها جمال عبد الناصر.. وربما لهذا لم يستطع حجازي ان يرسم مرة في عهد أنور السادات، فهو لا يتقن النكتة السوداء، وما سوف يقوله ممنوع...
ربما كان ذلك بين الأسباب التي دفعت صاحب الريشة المميزة إلى الاندفاع نحو الأطفال ليرسم لهم ما يساعدهم على حب الحياة، بمصاعبها، وعلى التطلع إلى الأفضل نتيجة تسخيف المبتذل والرخيص من العادات وأنماط السلوك... وبهذا المعنى فقد أسهم مع بهاجيجو في تأسيس مجلة «ماجد» للأطفال التي أصدرتها جريدة «الاتحاد» في أبو ظبي، قبل ان تسود «قيم النفط» وسائر ضروب الاستهلاك التي تجعل الأطفال سلعاً أو مجرد مشترين للسلع بعد خداعهم بما تقدمه لهم.
وعندما سدت تفاهة السياسة الشارع، وتهاوى النظام في الفساد، ورحل المسؤولون الذين يؤمنون بأن النقد يزيدهم كبراً ولا يقزمهم، اعتصم أحمد حجازي في غرفته، لا يخرج إلا لماماً ولأمر مهم، يرسم ويرسم ويرسم... للأطفال أساساً، الذين كان يرى فيهم المستقبل، أو يحاول ان يستنقذ بهم المستقبل، في حين يستغل كل فرصة سانحة للتشهير بالانحراف السياسي والخلقي، ولإدانة التعامل مع العدو الإسرائيلي وسائر الأعداء والسياسة الأميركية الطليعة والقيادة.
كان يبقى في بيته أياماً لا يخرج منه ولا يسمح إلا للقلة القليلة من الأصدقاء الذين ظل يرى فيهم  شبابه وطموحاته ورفاق سلاحه من أجل التغيير... خصوصاً وقد غاب بعض أساتذته وزملائه من الفرسان وأخطرهم صلاح جاهين.
وحين التقيته، آخر مرة، في شقته الموصدة بالأقفال في القاهرة، كان على «بهاجيجو» ان يردد كلمة السر ألف مرة قبل ان يفتح حجازي الباب، بعدما أتم عملية التدقيق والفحص عبر المنظار.
أمس، رحل أحمد حجازي الذي أعطى الكبار والصغار في مصر وفي أنحاء أخرى من الوطن العربي فناً جميلاً. وحاول ان يقنع الأطفال بصورة خاصة بان الحياة نعمة عظمى نستحقها فعلاً وتستحق منا ان نعطيها.
رحل أحمد حجازي لكنه ترك بصمته الجميلة على جيلين أو ثلاثة أجيال من أبناء مصر والوطن العربي، فزاد من تذوقهم جمال الحياة كما عزز فيهم إرادة رفض الغلط والفساد والزور والتزوير وسائر ما ينتجه الطغيان.
رحم الله هذه الكوكبة من المبدعين.


الاخبار اللبنانية




مات كما عاش بعيداً عن «الأباجورة»
بعد بهجت عثمان ومحيي الدين اللباد، يخسر فن الكاريكاتور العربي آخر رواده الكبار. المواطن الزاهد الذي كان يرى حرفته فناً شيطانياً لا يمكن تعلمه، غادرنا أول من أمس في مدينته التي لجأ إليها، متفرغاً لرسوم الأطفال بعيداً عن ضوضاء العاصمة. رحل الفنان المعتزل بصمت، فإذا بخبر وفاته يتأخر يومين كاملين عن أصدقاء القاهرة



القاهرة | حياة أحمد حجازي (1936ـــ 2011) هي الفن والاستغناء. منذ عقد، ترك شقته في القاهرة مغادراً إلى مسقط رأسه طنطا. وهي المدينة التي تركها أيضاً عام 1954 متخلياً عن امتحان البكالوريا، ومتمرداً على رغبة والده في إكمال دراسته من أجل الفن والصحافة. وخلال اقامته القاهرية، ترك «فرصاً وأموالاً وامتيازات وجوائز وأصدقاء وزملاء ونساء وكتباً وكراسي وملابس ومكاتب وثلاجات ومواقد...»، حسب تعبير صديقه الفنان الراحل محيي الدين اللباد.

محمد شعير
كانت هزيمة 67 بمثابة شرخ كبير لجيل حجازي. لم يستطع أن يتخلّص من تأثيرها نهائياً. كان لديه يقين وهو يعمل بأنّه «شخص مهزوم» لكن يمتلك رغبة في المقاومة. وربما لهذا احتلت القضية الفلسطينة معظم أعماله. بعد الهزيمة، انهمك في العمل لنسيان ما جرى... حتى تسرّب إليه إحساس بأنّه يعيد ويكرر ما يرسم من دون أن يُحدث فعلاً حقيقياً لحلّ القضية: «منذ 48 المذابح تتكرر، ونحن نتكلم ونغضب ونثور ثم ننسى».


























.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق